من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
68096 مشاهدة print word pdf
line-top
التحذير من عقائد الفرق الضالة

...............................................................................


... محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شيخ الإسلام رحمه الله يتعاهد تلاميذه بنصائح، ويتعاهد أيضا كثيرا من طلبة العلم بهذه النصائح، وبالأخص من يخشى عليهم الخطر، والأخطار كثيرة في زمانه وفي زماننا أكثر؛ ففي زمانه خطر الصوفية وبدعهم كبيرة، وخطر القبوريين وخطر المعطلة وهم أشد، وخطر الأشاعرة وهم أكثر وأقوى وهم الذين لاقى منهم الشدة.
ومن أشد الأخطار خطر أهل وحدة الوجود؛ وقد كثروا في زمانه، وناظر كثيرا منهم كالبطائحية؛ وهم من غلاة الصوفية.
وكان من جملة العلماء الذين كثر الانتماء إليهم أو تعظيمهم عالم اسمه عدي بن مسافر الأموي كان من أهل السنة، ولو كان من المتصوفة، وكان له أتباع؛ هؤلاء الأتباع يُخشى أنهم يضلون بسبب الغلو فيه؛ يزيدون فيه كما غلا كثير من أتباع الجيلاني ومن أتباع النقشبندي ومن أتباع التيجاني غلوا فيهم وزادوا فيهم في حقهم، وجعلوا لهم شيئا أو كثيرا من حق الربوبية، وصرفوا لهم أنواعا من العبودية، أو اعتقدوا فيهم عقائد سيئة تؤدي بهم إلى الغلو في الدين فلا جرم كتب إلى أتباع عدي بن مسافر هذه الرسالة التي ضمنها مختصر عقيدة أهل السنة، وأوصاهم بهذه الوصايا.
ذكرهم في أولها كما سمعنا بنعمة الانتماء إلى الإسلام وإلى السنة، وذكرهم أيضا بأن الأمة وسط بين الأمم؛ بين اليهود والنصارى؛ اليهود جفوا والنصارى غلوا، أو هؤلاء تشددوا، وهؤلاء تساهلوا، ثم ذكرهم بأن أهل السنة أيضا وسط؛ أهل السنة الذين هم متمسكون بها، أنهم وسط بين فرق الأمة، وسط في الصحابة بين من غلا فيهم ومن جفا، وسط في القدر بين مجبرة وبين نفاة، وسط في أسماء الإيمان والدين بين وعيدية ومرجئة، وسط في أفعال الله بين غلاة ومرجئة.
وهكذا ذكرهم بهذه الوسطية؛ حتى يتمسكوا بهذه السنة التي هي وسط، ويتذكروا قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ويحمدوا الله على أن هداهم، وهذا التوسط لم يكن ارتجالا؛ بل هو تبع الدليل؛ وذلك لأن الناس عادة منهم من يتجاوز الحد، ومنهم من ينقص عنه، ومنهم من يتوسط فيه، فالذين يتجاوزونه يسمون غلاة، والذين ينقصون عنه يسمون جفاة، والذين يتوسطون يسمون أهل العدل معتدلون، وخير الأمور أوسطها، والآن نواصل قراءة كلام الشيخ.

line-bottom