لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
79946 مشاهدة print word pdf
line-top
التحذير من عقائد الفرق الضالة

...............................................................................


... محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
شيخ الإسلام رحمه الله يتعاهد تلاميذه بنصائح، ويتعاهد أيضا كثيرا من طلبة العلم بهذه النصائح، وبالأخص من يخشى عليهم الخطر، والأخطار كثيرة في زمانه وفي زماننا أكثر؛ ففي زمانه خطر الصوفية وبدعهم كبيرة، وخطر القبوريين وخطر المعطلة وهم أشد، وخطر الأشاعرة وهم أكثر وأقوى وهم الذين لاقى منهم الشدة.
ومن أشد الأخطار خطر أهل وحدة الوجود؛ وقد كثروا في زمانه، وناظر كثيرا منهم كالبطائحية؛ وهم من غلاة الصوفية.
وكان من جملة العلماء الذين كثر الانتماء إليهم أو تعظيمهم عالم اسمه عدي بن مسافر الأموي كان من أهل السنة، ولو كان من المتصوفة، وكان له أتباع؛ هؤلاء الأتباع يُخشى أنهم يضلون بسبب الغلو فيه؛ يزيدون فيه كما غلا كثير من أتباع الجيلاني ومن أتباع النقشبندي ومن أتباع التيجاني غلوا فيهم وزادوا فيهم في حقهم، وجعلوا لهم شيئا أو كثيرا من حق الربوبية، وصرفوا لهم أنواعا من العبودية، أو اعتقدوا فيهم عقائد سيئة تؤدي بهم إلى الغلو في الدين فلا جرم كتب إلى أتباع عدي بن مسافر هذه الرسالة التي ضمنها مختصر عقيدة أهل السنة، وأوصاهم بهذه الوصايا.
ذكرهم في أولها كما سمعنا بنعمة الانتماء إلى الإسلام وإلى السنة، وذكرهم أيضا بأن الأمة وسط بين الأمم؛ بين اليهود والنصارى؛ اليهود جفوا والنصارى غلوا، أو هؤلاء تشددوا، وهؤلاء تساهلوا، ثم ذكرهم بأن أهل السنة أيضا وسط؛ أهل السنة الذين هم متمسكون بها، أنهم وسط بين فرق الأمة، وسط في الصحابة بين من غلا فيهم ومن جفا، وسط في القدر بين مجبرة وبين نفاة، وسط في أسماء الإيمان والدين بين وعيدية ومرجئة، وسط في أفعال الله بين غلاة ومرجئة.
وهكذا ذكرهم بهذه الوسطية؛ حتى يتمسكوا بهذه السنة التي هي وسط، ويتذكروا قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ويحمدوا الله على أن هداهم، وهذا التوسط لم يكن ارتجالا؛ بل هو تبع الدليل؛ وذلك لأن الناس عادة منهم من يتجاوز الحد، ومنهم من ينقص عنه، ومنهم من يتوسط فيه، فالذين يتجاوزونه يسمون غلاة، والذين ينقصون عنه يسمون جفاة، والذين يتوسطون يسمون أهل العدل معتدلون، وخير الأمور أوسطها، والآن نواصل قراءة كلام الشيخ.

line-bottom